وقال العوفي عن ابن عباس ﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾ يعني نحرت، وقال ابن أسلم :﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾ يعني ماتت؛ وهذا القول هو مراد ابن عباس ومجاهد، فإنه لا يجوز الأكل من البدنة إذا نحرت حتى تموت وتبرد حركتها، وقد جاء في حديث مرفوع :« لا تعجلوا النفوس أن تزهق »، ويؤيده حديث شداد بن أوس في « صحيح مسلم » :« إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته » وقوله :﴿ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر ﴾ قال بعض السلف : قوله :﴿ فَكُلُواْ مِنْهَا ﴾ أمر إباحة، وقال مالك : يستحب ذلك، وقال غيره يجب، واختلفوا في المراد بالقانع والمعتر، فقال ابن عباس : القانع المستغني بما أعطيته وهو في بيته، والمعتر الذي يعترض لك ويلم بك أن تعطيه من اللحم ولا يسأل، وكذا قال مجاهد، وقال ابن عباس : القانع المتعفف، والمعتر السائل، وقال سعيد بن جبير : القانع هو السائل، أما سمعت قول الشماخ :
لمَالُ المرءِ يصلحه فيغني | مفاقرَه أعفُّ من القنوع |
مسألة :
عن البراء بن عازب قال، قال رسول الله ﷺ :« إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء »، فلهذا قال الشافعي وجماعة من العلماء : إن أول وقت ذبح الأضاحي إذا طلعت الشمس يوم النحر ومضى قدرة صلاة العيد والخطبتين، زاد أحمد : وأن يذبح الإمام بعد ذلك، لما جاء في « صحيح مسلم » : وأن لا تذبحوا حتى يذبح الإمام، وقال أبو حنيفة : أما أهل السواد من القرى ونحوها فلهم أن يذبحوا بعد طلوع الفجر إذ لا صلاة عيد تشرع عنده لهم، وأما أهل الأمصار فلا يذبحوا حتى يصلي الإمام والله أعلم.