يقول تعالى منبهاً على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها ﴿ ياأيها الناس ضُرِبَ مَثَلٌ ﴾ أي لما يعبده الجاهلون بالله المشركون به ﴿ فاستمعوا لَهُ ﴾ أي أنصتوا وتفهموا ﴿ إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجتمعوا لَهُ ﴾ أي لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد، على أن يقدروا على خلق باب واحد ما قدروا على ذلك؛ كما قال أبو هريرة عن النبي ﷺ قال :« قال الله عزَّ وجلَّ : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة، فليخلقوا شعيرة »، ثم قال تعالى أيضاً :﴿ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذباب شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ﴾ أي هم عاجزون عن خلق ذباب واحد، بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والانتصار منه، لو سلبها شيئاً من الذي عليها من الطيب، ثم أرادت أن تستنقذه منه لما قدرت على ذلك، هذا والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها، ولهذا قال :﴿ ضَعُفَ الطالب والمطلوب ﴾، قال ابن عباس : الطالب الصنم، والمطلوب الذباب؛ واختاره ابن جرير، وقال السدي وغيره : الطالب العابد والمطلوب الصنم، ثم قال :﴿ مَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ أي ما عرفوا قدر الله وعظمته حين عبدوا معه غيره من هذه التي لا تقاوم الذباب لضعفها وعجزها، ﴿ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ أي هو القوي الذي بقدرته وقوته خلق كل شيء، ﴿ وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [ الروم : ٢٧ ]، ﴿ إِنَّ الله هُوَ الرزاق ذُو القوة المتين ﴾ [ الذاريات : ٥٨ ]، وقوله :﴿ عَزِيزٌ ﴾ أي قد عزَّ كل شيء وغلبه، فلا يمانع ولا يغالب، لعظمته وسلطانه وهو الواحد القهار.