يخبر تعالى أنه أنشأ بعد قوم نوح قرناً آخرين، قيل : المراد بهم عاد، فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم. وقيل : المراد بهؤلاء ثمود، لقوله :﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة بالحق ﴾، وأنه تعالى أرسل فيهم رسولاً منهم فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فكذبوه وخالفوه وأبو اتباعه لكونه بشراً مثلهم، وكذبوا بلقاء الله، وقالوا :﴿ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴾ أي بعد ذلك، ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً ﴾ أي فيما جاءكم به من الرسالة والإخبار بالمعاد، ﴿ وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انصرني بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ أي استفتح عليهم الرسول واستنصر ربه عليهم فأجاب دعاءه، ﴿ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴾ أي بمخالفتك وعنادك فيما جئتهم به، ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة بالحق ﴾ أي وكانوا يستحقون ذلك من الله بكفرهم وطغيانهم، والظاهر أنه اجتمع عليهم صيحة مع الريح الصرصر العاصف القوي الباردة تدمر كل شيء بأمر ربها، ﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ]، وقوله :﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً ﴾ أي صرعى هلكى كغثاء السيل وهو الشيء الحقير التافه الهالك الذي لا ينتفع بشيء منه، ﴿ فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظالمين ﴾، كقوله :﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ولكن كَانُواْ هُمُ الظالمين ﴾ [ الزخرف : ٧٦ ] أي بكفرهم وعنادهم ومخالفة رسول الله، فليحذر السامعون أن يكذبوا رسولهم.


الصفحة التالية
Icon