ينزه تعالى نفسه عن أن يكن له ولداً له ولد أو شريك في الملك والتصرف والعبادة، فقال تعالى :﴿ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ ﴾ أي لو قدّر تعدد الآلهة، لانفرد كل منهم بما خلق، فما كان ينتظم الوجود، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق، غاية الكمال ﴿ مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتٍ ﴾ [ الملك : ٣ ]، ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعض، والمتكلمون عبروا عنه بدليل ( التمانع ) وهو أنه لو فرض صانعان فصاعداً فأراد واحد تحريك جسم والآخر أراد سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد، وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد فيكون محالاً؛ فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكناً، لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهوراً، ولهذا قال تعالى :﴿ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أي عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علواً كبيراً، ﴿ عَالِمِ الغيب والشهادة ﴾ أي يعلم ما يغيب عن المخلوقات وما يشاهدونه، ﴿ فتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي تقدس وتنزه وتعالى وعزَّ وجلَّ عما يقول الظالمون والجاحدون.


الصفحة التالية
Icon