وهذه طرق كلها متعددة متعاضدة، ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها وبقي حكمها معمولاً به والله أعلم. وقد أمر رسول الله ﷺ برجم هذه المرأة لما زنت مع الأجير، ورجم رسول الله ﷺ ( ماعزاً ) و ( الغامدية ) ولم ينقل عن رسول الله ﷺ أنه جلدهم قبل الرجم، ولهذا كان هذا مذهب جمهور العلماء، وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يجب أن يجمع على الزاني المحصن بين الجلد للآية والرجم للسنة، كما روى الإمام أحمد وأهل السنن عن عبادة بن الصامت قال، قال رسول الله ﷺ :« خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ».
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ أي في حكم الله أي لا ترأفوا بهما في شرع الله، وليس المهي عنه الرأفة الطبيعية على ترك الحد، وإنما هي الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك الحد فلا يجوز ذلك، قال مجاهد ﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ قال : إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان فتقام ولا تعطل، وقد جاء في الحديث :« تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب »، وفي الحديث الآخر :« لحد يقام في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين يوماً »، وقيل المراد :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ فلا تقيموا الحد كما ينبغي من شدة الضرب الزاجر عن المأثم، وليس المراد الضرب المبرح، قال عامر الشعبي : رحمة من شدة الضرب، وقال عطاء : ضرب ليس بالمبرح، وقال : هذا في الحكم والجلد يعني في إقامة الحد وفي شدة الضرب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر : أن جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها، قال نافع : أراه قال : وظهرها، قال، قلت :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ قال : يا بني ورأيتني أخذتني بها رأفة إن الله لم يأمرني أن أقتلها، ولا أن أجعل جلدها في رأسها، وقد أوجعت حين ضربتها، وقوله تعالى :﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر ﴾ أي فافعلوا ذلك وأقيموا الحدود على من زنى وشددوا عليه الضرب، ولكن ليس مبرحاً، ليرتدع هو ومن يصنع مثله بذلك، وقد جاء في « المسند » عن بعض الصحابة أنه قال :