وقال الحسن البصري : لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية، ولكنه مثل ضربه الله تعالى لنوره، وقال الضحاك عن ابن عباس ﴿ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ قال : رجل صالح ﴿ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ ﴾ قال : لا يهودي ولا نصراني، وأولى هذه الأقوال : أنها في مستوى من الأرض في مكان فسيح باد ظاهر ضاح للشمس، تقرعه من أول النهار إلى آخره، ليكون ذلك أصفى لزيتها وألطف، ولهذا قال تعالى :﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ يعني لضوء إشراق الزيت، وقوله تعالى :﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ قال ابن عباس : يعني بذلك إيمان العبد وعمله، وقال أبي بن كعب ﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ المؤمن يتقلب في خمسة من النور، فكلامه نور وعمله نور، ومدخلة نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة إلى الجنة. وقال شمر بن عطية : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال : حدثني عن قول الله تعالى ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ قال : يكاد محمد ﷺ يبين للناس ولو لم يتكلم أنه نبي، كما يكاد ذلك الزيت أن يضيء، وقال السدي في قوله تعالى :﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ قال : نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا ولا يضيء واحد بغير صاحبه، كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلاّ بصاحبه، وقوله تعالى :﴿ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ أي يرشد الله إلى هدايته من يختاره، كما جاء في الحديث :« إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره يومئذٍ، فمن أصاب من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأ ضل، فلذلك أقول : جفَّ القلم على علم الله عزَّ وجلَّ »


الصفحة التالية
Icon