يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة وهو الإزجاء، ﴿ ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ﴾ أي يجمعه بعد تفرقه، ﴿ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً ﴾ أي متراكماً أي يركب بعضه بعضاً، ﴿ فَتَرَى الودق ﴾ أي المطر، ﴿ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ ﴾ أي من خلله، وقوله :﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ قال بعض النحاة :﴿ مِنَ ﴾ الأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة لبيان الجنس، ومعناه أن في السماء جبال برد ينزل الله منها البرد، وأما من جعل الجبال هاهنا كناية عن السحاب فإن « من » الثانية عنده لابتداء الغاية لكنها بدل من الاولى والله أعلم، وقوله تعالى :﴿ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ ﴾ يحتمل أن يكون المراد بقوله ﴿ فَيُصِيبُ بِهِ ﴾ : أي بما ينزل من السماء من نوعي المطر والبرد، فيكون قوله :﴿ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ رحمة لهم ﴿ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ ﴾ أي يؤخر عنهم الغيث، ويحتمل أن يكون المراد بقوله ﴿ فَيُصِيبُ بِهِ ﴾ أي بالبرد نقمة على من يشاء لما فيه من إتلاف زروعهم وأشجارهم، ﴿ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ ﴾ رحمة بهم، وقوله :﴿ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأبصار ﴾ أي يكاد ضوء برقه من شدته يخطف الأبصار إذا اتبعته وتراءته، وقوله تعالى :﴿ يُقَلِّبُ الله الليل والنهار ﴾ أي يتصرف فيهما فيأخذ من طول هذا في قصر هذا، حتى يعتدلا، فهو المتصرف في ذلك بأمره وقهره وعزته وعلمه، ﴿ إِنَّ فِي ذلك لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأبصار ﴾ أي لدليلاً على عظمته تعالى.


الصفحة التالية
Icon