يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة وهو عالم بما العباد عاملون في سرهم وجهرهم فقال :﴿ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾، وقد للتحقيق، كما قال قبلها ﴿ قَدْ يَعْلَمُ الله الذين يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً ﴾ [ النور : ٦٣ ]، وقال تعالى :﴿ قَدْ يَعْلَمُ الله المعوقين مِنكُمْ ﴾ [ الأحزاب : ١٨ ] الآية، فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بقد، فقوله تعالى :﴿ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾ أي هو عالم به مشاهد له لا يعزب عنه مثقال ذرة، كما قال تعالى :﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ [ يونس : ٦١ ]، وقال تعالى :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [ الرعد : ٣٣ ] أي هو شهيد على عباده بما هم فاعلون من خير وشر، وقال تعالى :﴿ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ﴾ [ الرعد : ١٠ ] الآية. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جداً. وقوله :﴿ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ أي ويوم يرجع الخلائق إلى الله يوم القيامة ﴿ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾ أي يخبرهم بما فعلوا في الدنيا من جليل وحقير وصغير وكبير، كما قال تعالى :﴿ يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴾ [ القيامة : ١٣ ]، وقال :﴿ وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ ياويلتنا مَالِ هذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ [ الكهف : ٤٩ ]، ولهذا قال هاهنا :﴿ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ ﴾ والحمد لله رب العالمين.


الصفحة التالية
Icon