يقول تعالى : يا محمد هذا الذي وصفناه لك من حال الأشقياء، الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم، فتلقاهم بوجه عبوس وتغيظ وزفير، ويلقون في أماكنها الضيقة مقرنين، لا يستطيعون حراكاً ولا استنصاراً ولا فكاكاً مما هم فيه، أهذ خير أم جنة الخلد التي وعدها الله المتقين من عباده، التي أعدها لهم جزاء ومصيراً على ما أطاعوه في الدنيا وجعل مآلهم إليها؟! ﴿ لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ ﴾ من الملاذ من مآكل ومشارب، وملابس ومساكن، ومراكب ومناظر وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب أحد، وهم في ذلك خالدون أبداً دائماً سرمداً، بلا انقطاع ولا زوال ولا انقضاء، ولا يبغون عنها حولاً، وهذا من وعد الله الذي تفضل به عليهم وأحسن به إليهم، ولهذا قال :﴿ كَانَ على رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً ﴾ أي لا بد أن يقع وأن يكون، أي وعداً واجباً، وقال محمد بن كعب القرظي : إن الملائكة تسأل لهم ذلك ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدْتَّهُمْ ﴾ [ غافر : ٨ ]، وقال أبو حازم : إذا كان يوم القيامة قال المؤمنون : ربنا عملنا لك بالذي أمرتنا فأنجز لنا ما وعدتنا، فذلك قوله :﴿ وَعْداً مَّسْئُولاً ﴾ وهذا المقام في هذه السورة كما ذكر تعالى في سورة الصافات حال أهل الجنة وما فيها من النضرة والحبور؛ ثم قال ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزقوم * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ ﴾ [ الصافات : ٦٢-٦٣ ] الآيات.


الصفحة التالية
Icon