يقول تعالى مخبراً عن رسوله ونبيه محمد ﷺ أنه قال :﴿ يارب إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا القرآن مَهْجُوراً ﴾، وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يستمعونه، كما قال تعالى :﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ ﴾ [ فصلت : ٢٦ ] الآية، فكانوا إذا تلي عليهم القرآن، أكثروا اللغط والكلام حتى لا يسمعونه؛ فهذا من هجرانه، وترك الإيمان به من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول، أو غناءٍ أو لهوٍ من هجرانه. وقوله تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ المجرمين ﴾ أي كما حصل لك يا محمد في قومك من الذين هجروا القرآن، كذلك كان في الأمم الماضين، لأن الله جعل لكل نبي عدواً من المجرمين، يدعون الناس إلى ضلالهم وكفرهم، كما قال تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس والجن ﴾ [ الأنعام : ١١٢ ] الآية، ولهذا قال تعالى هاهنا :﴿ وكفى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ﴾ أي لمن اتبع رسوله وآمن بكتابه وصدقه واتبعه، فإن الله هاديه وناصره في الدنيا والآخرة.


الصفحة التالية
Icon