يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول ﷺ إذا رأوه، كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا رَآكَ الذين كفروا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً ﴾ [ الأنبياء : ٣٦ ] الآية، يعنونه بالعيب والنقص، وقال هاهنا :﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً ﴾ ؟ أي على سبيل التنقص والإزدراء، وقوله تعالى :﴿ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا ﴾ يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام، لولا أنصبروا وتجلدوا واستمروا عليها، قال الله تعالى متوعداً لهم ومتهدداً :﴿ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذاب ﴾ الآية، ثم قال تعالى لنبيه منبهاً : أنّ من كتب الله عليه الشقاوة والضلال فإنه لا يهديه أحد إلا الله عزَّ وجلَّ، ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ ﴾ أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه، كما قال تعالى :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ ﴾ [ فاطر : ٨ ] الآية، ولهذا قال هاهنا :﴿ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ﴾ ؟ قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول، ثم قال تعالى :﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ﴾ ؟ الآية، أي هم أسوأ حالاً من الأنعام السارحة، فإن تلك تفعل ما خلقت له، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده، وهم يعبدون غيره ويشركون به، مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم.


الصفحة التالية
Icon