يقول لهم واعظاً لهم ومحذرهم نقم الله أن تحل لهم، ومذكراً بأنعم الله عليهم فيما رزقهم من الأرزاق الدارة، وأنبت لهم من الجنات، وفجر لهم من العيون الجاريات، وأخرج لهم من الزروع والثمرات، ولهذا قال :﴿ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ قال ابن عباس : أينع وبلغ فهو هضيم، وعنه يقول : معشبة، وقال مجاهد : هو الذي إذا يبس تهشم وتفتت وتناثر، وقال ابن جريج عن مجاهد ﴿ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ قال : حين يطلع تقبض عليه فتهضمه، فهو من الرطب الهضيم، ومن اليابس الهشيم، تقبض عليه فتهشمه، وقال عكرمة وقتادة : الهضيم الرطب اللين. وقال الضحاك : إذا كثر حمل الثمرة وركب بعضها بعضاً فهو هضيم، وقال الحسن البصري : هو الذي لا نوى له، وقال أبو صخر : ما رأيت الطلع حين ينشق عنه الكم فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض فهو الهضيم. وقوله :﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتاً فَارِهِين ﴾ قال ابن عباس وغير واحد : يعني حاذقين، وفي رواية عنه : شرهين أشرين، وهو اختيار مجاهد وجماعة، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشراً وبطراً وعبثاً من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحتها ونقشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم، ولهذا قال :﴿ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ ﴾ أي أقبلوا على ما يعود نفعه عليكم في الدنيا والآخرة، من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم، لتعبدوه وتوحدوه وتسبحوه بكرة وأصيلاً ﴿ وَلاَ تطيعوا أَمْرَ المسرفين * الذين يُفْسِدُونَ فِي الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ ﴾ يعني رؤساءهم وكبراءهم الدعاة إلى الشرك والكفر ومخالفة الحق.


الصفحة التالية
Icon