يقول تعالى مخبراً عن ثمود في جوابهم لنبيهم ( صالح ) عليه السلام، حين دعاهم إلى عبادة ربهم عزَّ وجلَّ أنهم ﴿ قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين ﴾ قال مجاهد وقتادة : يعنون من المسحورين، يقولون : إنما أنت في قولك هذا مسحور لا عقل لك، ثم قالوا ﴿ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ يعني فكيف أوحي إليك دوننا، كما قالوا في الآية الأخرى ﴿ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾ [ القمر : ٢٥ ] ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقة بما جاءهم به من ربهم، وقد اجتمع ملؤهم وطلبوا منه أن يخرج لهم الآن من هذه الصخرة ناقة عشراء، وأشاروا إلى صخرة عندهم من صفتها كذا وكذا، فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم عندهم، من صفتها كذا وكذا، فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به وليتبعنه، فأعطوه ذلك، فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى ثم دعا الله عزَّ وجلَّ أن يجيبهم إلى سؤالهم، فانفطرت تلك الصخرة التي أشاروا إليها عن ناقة عشراء على الصفة التي وصفوها، فآمن بعضهم وكفر أكثرهم ﴿ قَالَ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾ يعني ترد ماءكم يوماً ويوماً تردونه أنتم، ﴿ وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ فحذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء، فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر ترد الماء، وتأكل الورق والمرعى وينتفعون بلبنها يحلبون منها ما يكفيهم شرباً ورياً؛ فلما طال عليهم الأمد وحضر أشقاهم تمالأوا على قتلها وعقرها ﴿ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ العذاب ﴾ وهو أن أرضهم زلزلت زلزالاً شديداً، وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها، وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون، وأصبحوا في ديارهم جاثمين ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم ﴾.


الصفحة التالية
Icon