لما نهاهم نبي الله عن ارتكاب الفواحش وغشيانهم الذكور، وأرشدهم إلى إتيان نسائهم اللاتي خلقهن الله لهم ما كان جوابهم له إلاّ أن قالوا ﴿ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يالوط ﴾ أي عما جئتنا به ﴿ لَتَكُونَنَّ مِنَ المخرجين ﴾ أي ننفيك من بين أظهرنا، كما قال تعالى :﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أخرجوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [ النمل : ٥٦ ]، لما رأى أنهم لا يرتدعون عما هم فيه وأنهم مستمرون على ضلالتهم تبرأ منهم، وقال :﴿ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القالين ﴾ أي المبغضين لا أحبه ولا أرضى به وإني بريء منكم، ثم دعا الله عليهم، فقال :﴿ رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ قال الله تعالى :﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴾ أي كلهم ﴿ إِلاَّ عَجُوزاً فِي الغابرين ﴾ وهي امرأته، وكانت عجوز سوء، بقيت فهلكت مع من بقي من قومها، حين أمره الله أن يسري بأهله إلا امرأته، وأنهم لا يلتفتون إذا سمعوا الصيحة حين تنزل على قومه، فصبروا لأمر الله واستمروا، وأنزل الله على أولئك العذاب الذي عم جميعهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، ولهذا قال تعالى :﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخرين * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً ﴾ إلى قوله ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم ﴾.