وروى أيضاً عن عروة قال : لما نزلت ﴿ والشعرآء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون ﴾، إلى قوله :﴿ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ﴾ قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله قد علم الله أني منهم، فأنزل الله تعالى :﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ الآية، وهكذا قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغير واحد من أن هذا استثناء مما تقدم. ولهذا قال تعالى :﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَذَكَرُواْ الله كَثِيراً ﴾ قيل : معناه ذكروا الله كثيراً في كلامهم، وقيل : في شعرهم، وكلاهما صحيح مكفر لما سبق، وقوله تعالى :﴿ وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ ﴾ قال ابن عباس : يردون على الكفار الذين كانوا يهجون به المؤمنين؛ وهذا كما ثبت في « الصحيح » أن رسول الله ﷺ قال حسان :« أهجهم - أو قال - هاجهم وجبريل معك » وقال الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال للنبي ﷺ إن الله عزَّ وجلَّ قد أنزل في الشعراء ما أنزل، فقال رسول الله ﷺ :« إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النيل » وقوله تعالى :﴿ وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾، كقوله تعالى :﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ ﴾ [ غافر : ٥٢ ] الآية، وفي « الصحيح » أن رسول الله ﷺ قال :« إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة »، قال قتادة : يعني من الشعراء وغيرهم وقيل : المراد بهم أهل مكة، وقيل الذين ظلموا من المشركين، والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم، كما قال ابن أبي حاتم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كتب أبي في وصيته سطرين : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما وصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر، وينتهي الفاجر، ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه، وإن يجر ويبذل فلا أعلم الغيب ﴿ وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾.