يخبر تعالى عن عبده ورسوله ( لوط ) عليه السلام أنه أنذر قومه نقمة الله بهم في فعلهم الفاحشة، التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي ( إتيان الذكور ) دون الإناث، وذلك فاحشة عظيمة استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فقال ﴿ أَتَأْتُونَ الفاحشة وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ أي يرى بعضكم بعضاً وتأتون في ناديكم المنكر ﴿ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً مِّن دُونِ النسآء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ أي لا تعرفون شيئاً لا طبعاً ولا شرعاً كما قال في الآية الأخرى :﴿ أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [ الشعراء : ١٦٥-١٦٦ ] ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أخرجوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ أي يتحرجون من فعل ما تفعلونه ومن إقراركم على صنيعكم، فأخرجوهم من بين أظهركم فإنهم لا يصلحون لمجاورتكم في بلادكم، فعزموا على ذلك فدمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، قال الله تعالى :﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغابرين ﴾ أي من الهالكين مع قومها، لأنها كانت ردءاً لهم على دينهم، وعلى طريقتهم في رضاها بأفعالهم القبيحة، فكانت تدل قومها على ضيفان لوط ليأتوا إليهم، وقوله تعالى :﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً ﴾ أي حجارة من سجيل منضود، ولهذا قال :﴿ فَسَآءَ مَطَرُ المنذرين ﴾ أي الذين قامت عليهم الحجة، ووصل إلهم الإنذار، فخالفوا الرسول وكذبوه وهموا بإخراجه من بينهم.


الصفحة التالية
Icon