يقول تعالى مخبراً عن يوم القيامة. وحشر الظالمين من المكذبين بآيات الله ورسله، ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا، تقريعاً وتصغيراً وتحقيراً، فقال تعالى :﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ﴾ أي من كل قوم وقرن فوجاً أي جماعة ﴿ مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ﴾، كما قال تعالى :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾ [ الصافات : ٢٢ ]، وقوله تعالى :﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ قال ابن عباس : سيدفعون، وقال قتادة : يرد أولهم على آخرهم، وقال عبد الرحمن بن زيد : يساقون ﴿ حتى إِذَا جَآءُوا ﴾ ووقفوا بين يدي الله عزَّ وجلَّ في مقام المساءلة ﴿ قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي فيسألون عن اعتقادهم وأعمالهم، فلما لم يكونوا من أهل السعادة وكانوا كما قال الله عنهم، ﴿ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صلى * ولكن كَذَّبَ وتولى ﴾ [ القيامة : ٣١ - ٣٢ ] فحينئذٍ قامت عليهم الحجة ولم يكن لهم عذر يعتذرون به، كما قال الله تعالى :﴿ هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ * وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ [ المرسلات : ٣٥ - ٣٦ ] الآية، وهكذا قال هاهنا ﴿ وَوَقَعَ القول عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ ﴾ أي بهتوا فلم يكن لهم جواب، لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية، ثم قال تعالى منبهاً على قدرته التامة وسلطانه العظيم وشأنه الرفيع :﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الليل لِيَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾ أي في ظلام الليل لتسكن حركاتهم بسببه وتهدأ أنفاسهم، ويستريحون من نصب التعب في نهارهم ﴿ والنهار مُبْصِراً ﴾ أي منيراً مشرقاً، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب والأسفار والتجارات، وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.