يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله موسى الكليم، عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، من إنزال التوراة عليه بعدما أهلك فرعون وملأه، وقوله تعالى :﴿ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القرون الأولى ﴾ يعني أنه بعد إنزال التوراة لم يعذب أمة بعامة، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء الله من المشركين، كما قال تعالى :﴿ وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ والمؤتفكات بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴾ [ الحاقة : ٩-١٠ ]، وروى ابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال : ما أهلك الله قوماً بعذاب من السماء ولا من الأرض بعدما أنزلت التوراة على وجه الأرض، غير أهل القرية الذين مسخوا قردة بعد موسى، ثم قرأ :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القرون الأولى ﴾ الآية، وقوله :﴿ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً ﴾ أي من العمى والغي، ﴿ وَهُدًى ﴾ إلى الحق، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ أي إرشاداً إلى العمل الصالح، ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ أي لعل الناس يتذكرون ويهتدون بسببه.