يخبر تعالى أنه المنفرد بالخلق والإختيار، وأنه ليس له في ذلك منازع ولا معقب، قال تعالى :﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ﴾ أي ما يشاء، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فالأمور كلها خيرها وشرها بيده ومرجعها إليه، وقوله :﴿ مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة ﴾ نفي على أصح القولين، كقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [ الأحزاب : ٣٦ ]، ولهذا قال :﴿ سُبْحَانَ الله وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي من الأصنام والأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئاً، ثم قال تعالى :﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ أي يعلم ما تكن الضمائر، وما تنطوي عليه السرائر، كما يعلم ما تبديه الظواهر من سائر الخلائق ﴿ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ باليل وَسَارِبٌ بالنهار ﴾ [ الرعد : ١٠ ]، وقوله :﴿ وَهُوَ الله لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ أي هو المنفرد بالإلهية، فلا معبود سواه، كما لا رب سواه، ﴿ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة ﴾ أي في جميع ما يفعله هو المحمود عليه بعدله وحكمته، ﴿ وَلَهُ الحكم ﴾ أي الذي لا معقب له لقهره وغلبته وحكمته ورحمته، ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ أي جميعكم يوم القيامة، فيجزي كل عامل بعمله من خير وشر، ولا يخفى عليه منهم خافية في سائر الأعمال.