يقول تعالى مخبراً عن صفات المكذبين، الذين يدعون الإِيمان بألسنتهم ولم يثبت الإِيمان في قلوبهم، بأنهم إذا جاءتهم محنة وفتنة في الدنيا، اعتقدوا أن هذا من نقمة الله تعالى بهم فارتدوا عن الإِسلام، ولهذا قال تعالى :﴿ وَمِنَ الناس مَن يِقُولُ آمَنَّا بالله فَإِذَآ أُوذِيَ فِي الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ الله ﴾ قال ابن عباس : يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله، وكذا قال غيره من علماء السلف، وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقلب على وَجْهِهِ ﴾ [ الحج : ١١ ] إلى قوله ﴿ ذلك هُوَ الضلال البعيد ﴾ [ الحج : ١٢ ]، ثم قال عزَّ وجلَّ :﴿ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ﴾ أي ولئن جاء نصر قريب من ربك يا محمد وفتح ومغانم، ليقولن هؤلاء لكم إنا كنا معكم أي إخوانكم في الدين، كما قال تعالى :﴿ الذين يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ الله قالوا أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ ﴾ [ النساء : ١٤١ ] الآية، وقوله تعالى مخبراً عنهم هاهنا :﴿ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ﴾، ثم قال تعالى :﴿ أَوَ لَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ العالمين ﴾ أي أوليس الله بأعلم بما في قلوبهم، وما تكنه ضمائرهم، وإن أظهروا لكم الموافقة؟ وقوله تعالى :﴿ وَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ المنافقين ﴾ أي وليختبرن الله الناس بالضراء والسراء، ليتميز من يطيع الله في الضراء والسراء، ومن يطيعه في حظ نفسه، كما قال تعالى :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [ محمد : ٣١ ].