يخبر تعالى عن هؤلاء الأمم المكذبة للرسل كيف أبادهم وتنوع في عذابهم؛ وأخذهم بالانتقام منهم، فعاد قوم هود عليه السلام كانوا يسكنون ( الأحقاف ) وهي قريبة من حضرموت بلاد اليمن، وثمود قوم صالح كانوا يسكنون ( الحجر ) قريباً من وادي القرى، وكانت العرب تعرف مساكنهما جيداً وتمر عليها كثيراً، وقارون صاحب الأموال الجزيلة والكنوز الثقيلة، وفرعون ووزيره ( هامان ) القبطيان الكافران بالله تعالى وبرسوله ﷺ ﴿ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ﴾ أي كانت عقوبته بما يناسبه ﴿ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً ﴾ وهم عاد، وذلك أنهم قالوا من أشد منا قوة؟ فجاءتهم ريح صرصر باردة شديدة البرج، عاتية شديدة الهبوب، تحمل عليهم حصباء الأرض فتلقيها عليهم، وتقتلعهم من الأرض، فترفع الرجل منهم من الأرض إلى عنان السماء، ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى بدناً بلا رأس كأنهم أعجاز نخل منقعر، ﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة ﴾ وهم ثمود قامت عليهم الحجة وظهرت لهم الدلالة على تلك الناقة التي انفلقت عنها الصخرة مثل ما سألوا سواء بسواء، ومع هذا ما آمنوا بل استمروا على طغيانهم وكفرهم وتهددوا نبي الله صالحاً ومن آمن معه، وتوعدوهم بأن يخرجوهم ويرجموهم فجاءتهم صيحة أخمدت الأصوات منهم والحركات، ﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض ﴾ وهو قارون الذي طغى وبغى وعتا وعصى الرب الأعلى، ومشى في الأرض مرحاً واعتقد أنه أفضل من غيره، واختال في مشيته، فخسف الله به وبداره الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، ﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا ﴾ وهو فرعون ووزيره هامان وجنودهما عن آخرهم أغرقوا في صبيحة واحدة فلم ينج منهم مخبر، ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ أي فيما فعل بهم، ﴿ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ أي إنما فعل ذلك بهم جزاء وفاقاً بما كسبت أيديهم.