يقول تعالى مخبراً عن جهل المشركين، في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم، وبأس الله أن يحل عليهم، كما قال تعالى :﴿ وَإِذْ قَالُواْ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ]، وقال هاهنا :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ العذاب ﴾ أي لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريباً سريعاً كما استعجلوه، ثم قال :﴿ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً ﴾ أي فجأة، ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بالكافرين ﴾ أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة، ثم قال عزَّ وجلَّ :﴿ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾، كقوله تعالى :﴿ لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ [ الأعراف : ٤١ ]، وقال تعالى :﴿ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ.. وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴾ [ الزمر : ١٦ ]، فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم وهذا أبلغ في العذاب الحسي، وقوله تعالى :﴿ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ تهديد وتقريع وتوبيخ وهذا عذاب معنوي على النفوس، كقوله تعالى :﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النار على وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [ القمر : ٤٨-٤٩ ]، وقال تعالى :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ [ الطور : ١٣-١٤ ].


الصفحة التالية
Icon