يقول تعالى ممتناً على قريش فيما أحلهم من حرمة الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد، ومن دخله كان آمناً، فهو أمن عظيم، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً، وكما قال تعالى :﴿ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ ﴾ [ قريش : ١ ] إلى لآخر السورة، وقوله تعالى :﴿ أفبالباطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ ﴾ أي أفكأن شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به وعبدو معه غيره من الأصنام والأنداد، ﴿ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ البوار ﴾ [ إبراهيم : ٢٨ ] فكفروا بني الله ورسوله فكذبوه، فقاتلوه، فأخرجوه من بين أظهرهم، ولهذا سلبهم الله تعالى ما كان أنعم عليهم، وقتل من قتل منهم ببدر، ثم صارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين، ففتح الله على رسوله مكة وأرغم انافهم وأذل رقابهم، ثم قال تعالى :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افترى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بالحق لَمَّا جَآءَهُ ﴾ ؟ أي لا أحد أشد عقوبة ممن كذب على الله، فقال إن الله أوحى إليه ولم يوح إليه شيء، وهكذا لا أحد أشد عقوبة ممن كذب بالحق لما جاءه، فالأول مفتر والثاني مكذب، ولهذا قال تعالى :﴿ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴾. ثم قال تعالى :﴿ والذين جَاهَدُواْ فِينَا ﴾ يعني الرسول ﷺ وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ أي لنبصرنهم سبلنا أي طرقنا في الدنيا والآخرة، وقوله :﴿ وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين ﴾.
روى ابن أبي حاتم يسنده عن الشعبي قال، قال عيسى ابن مريم عليه السلام : إنما الإِحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك، والله أعلم.