يقول تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾ الدالة على قدرته العظيمة ﴿ خَلْقُ السماوات والأرض ﴾ أي خلق السماوات في ارتفاعها واتساعها، وشفوف أجرامها وزهارة كواكبها، ونجومها الثوابت والسيارات، وخلق الأرض في انخفاضها وكثافتها، وما فيها من جبال وأودية، وبحار وقفار وحيوان وأشحار، وقوله تعالى :﴿ واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ ﴾ يعني اللغات، فهؤلاء بلغة العرب، وهؤلاء تتر، وهؤلاء كرج، وهؤلاء روم، وهؤلاء فرنج، وهؤلاء بربر، وهؤلاء حبشة، وهؤلاء هنود، وهؤلاء عجم، وهؤلاء صقالية، وهؤلاء أكراد، إلى غير ذلك مما لا يعلمه إلاّ الله من اختلاف لغات بني آدم واختلاف ألوانهم، وهي حلاهم فجميع أهل الأرض بل أهل الدنيا منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، لك له عينان وحاجبان وأنف وجبين وفم وخدان وليس يشبه واحد منهم الآخر، بل لا بد أن يفارقه بشيء من السمت أو الهيئة أو الكلام، ظاهراً كان أو خفياً يظهر عند التأمل، كل وجه منهم أسلوب بذاته، وهيئة لا تشبه أخرى، ولو توافق جماعة في صفة من جمال أو قبح، لا بد من فارق بن كل واحد منهم وبين الآخر ﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم باليل والنهار وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ ﴾ أي ومن الآيات ما جعل الله من صفة النوم في الليل والنهار، فيه تحصل الراحة، وسكون الحركة، وذهاب الكلال والتعب، وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار وهذا ضد النوم، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ أي يعون، روى الطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال :« أصابني أرق من الليل فشكوت ذلك إلى رسول الله ﷺ فقال :» قل : اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم، يا حي يا قيوم، أنم عيني، وأهدىء ليلي « فقلتها فذهب عني ».


الصفحة التالية
Icon