يقول تعالى منبهاً خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة، بأنه سخر لهم ما في السماوات، من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم، وما يخلق فيها من سحاب وأمطار، وما خلق لهم في الأرض من أنهار وأشجار وزروع وثمار، واسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة، ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم، بل منهم من يجادل في الله أي في توحيده وإرساله الرسل، ومجادلته في ذلك بغير علم ولا مستند، ومن حجة صحيحة ولا كتاب مأثور صحيح، ولهذا قال تعالى :﴿ وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾ أي مبين مضيء ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ﴾ أي لهؤلاء المجادلين في توحيده الله ﴿ اتبعوا مَآ أَنزَلَ الله ﴾ أي على رسوله من الشرائع المطهرة، ﴿ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا ﴾ أي لم يكن لهم حجة إلاّ اتباع الآباء الأقدمين، قال الله تعالى :﴿ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ﴾ [ البقرة : ١٧٠ ] أي فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم أنهم كانوا على ضلالة وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه، ولهذا قال تعالى :﴿ أَوَلَوْ كَانَ الشيطان يَدْعُوهُمْ إلى عَذَابِ السعير ﴾.


الصفحة التالية
Icon