يقول تعالى منذراً للناس يوم المعاد، وآمراً لهم بتقواه والخوف منه، والخشية من يوم القيامة حيث ﴿ لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ ﴾ أي لو أراد أن يفديه بنفسه لما قبله منه، وكذلك الولد لو أراد فداء والده بنفسه لم يقبل منه، ثم عاد بالموعظة عليهم بقوله :﴿ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا ﴾ أي لا تلهينكم بالطمأنينة فيها عن الدار الآخرة، ﴿ وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور ﴾ يعني الشيطان، فإنه يغر ابن آدم ويعده ويمنيه، وليس من ذلك شيء، بل كان كما قال تعالى :﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشيطان إِلاَّ غُرُوراً ﴾ [ النساء : ١٢٠ ]، قال وهب بن منبه : قال عزير عليه السلام : لما رأيت بلاء قومي اشتد حزني وكثر همي وأرق نومي، فتضرعت إلى ربي وصليت وصمت، فأنا في ذلك التضرع أبكي إذا أتاني الملك، فقلت له : خبرني هل تشفع أرواح الصديقين للظلمة، أو الآباء لأبنائهم؟ قال : إن القيامة فيها فصل القضاء، وملك الظاهر ليس فيه رخصة لا يتكلم فيه أحد إلاّ بإذن الرحمن، ولا يؤخذ فيه والد عن ولده ولا ولد عن والده، ولا أخ عن أخيه، ولا عبد عن سيده، ولا يهتم أحد به بغيره، ولا يحزن لحزنه ولا أحد يرحمه، كل مشفق عل نفسه، ولا يؤخذ إنسان عن إنسان، كل يهمه همه ويكبي ذنبه، ويحمل وزره ولا يحمل وزره معه غيره.