يقول تعالى مخبراً عن استعجال الكفار وقوع بأس الله بهم، وحلول غضبه ونقمته عليهم، استبعاداً وتكذيباً وعناداً ﴿ وَيَقُولُونَ متى هذا الفتح ﴾ أي متى تنصر علينا محمد؟ كما تزعم أن لك وقتاً تدال علينا وينتقم لك منا، فمتى يكون هذا؟ ما نراك أنت وأصحابك إلاّ مختفين خائفين ذليلين، قال الله تعالى :﴿ قُلْ يَوْمَ الفتح ﴾ أي إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الأخرى ﴿ لاَ يَنفَعُ الذين كفروا إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾، كما قال تعالى :﴿ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ العلم ﴾ [ غافر : ٨٣ ] الآيتين. والمراد بالفتح القضاء والفصل، كقوله :﴿ فافتح بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً ﴾ [ الشعراء : ١١٨ ] الآية، وكقوله :﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق ﴾ [ سبأ : ٢٦ ] الآية، ثم قال تعالى :﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وانتظر إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ ﴾ أي أعرض عن هؤلاء المشركين، وبلّغ ما أنزل إليك من ربك، كقوله تعالى :﴿ اتبع مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ [ الأنعام : ١٠٦ ] الآية، وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعدك، وسينصرك على من خالفك، إنه لا يخلف الميعاد، وقوله :﴿ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ ﴾ أي أنت منتظر وهم منتظرون، ويتربصون بكم الدوائر ﴿ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون ﴾ [ الطور : ٣٠ ] وسترى عاقبة صبرك عليهم، وعلى أداء رسالة الله في نصرتك وتأييدك، وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك، من وبيل عقاب الله لهم، وحلول عذابه بهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.


الصفحة التالية
Icon