يقول تعالى مخبراً عن ذلك الحال حين نزلت الأحزاب حول المدينة، والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق، ورسول الله ﷺ بين أظهرهم، أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالاً شديداً، فحينئذٍ ظهر النفاق وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم، ﴿ وَإِذْ يَقُولُ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً ﴾، أما المنافق فنجم نفاقه، والذي في قلبه شبهة تنفس بما يجده من الوسواس في نفسه، لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال، قال الله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ ياأهل يَثْرِبَ ﴾ يعني المدينة كما جاء في الصحيح :« أريت في المنام دار هجرتكم أرض بين حرتين فذهب وَهْلي أنها هجر فإذا هي يثرب » وفي لفظ المدينة، وقوله :﴿ لاَ مُقَامَ لَكُمْ ﴾ أي ههنا يعنون عند النبي ﷺ في مقام المرابطة، ﴿ فارجعوا ﴾ أي إلى بيوتكم ومنازلكم ﴿ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النبي ﴾، قال بان عباس رضي الله عنهما : هم بنو حارثة، قالوا : بيوتنا نخاف عليها السراق، يعني اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة، أي ليس دونها ما يحجبها من العدو، فهم يخشون عليها منهم، قال الله تعالى :﴿ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ﴾ أي ليست كما يزعمون ﴿ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً ﴾ أي هرباً من الزحف.