يخبر تعالى عن هؤلاء الذين ﴿ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً ﴾ [ الأحزاب : ١٣ ] أنهم لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها، ثم سألوا الفتنة وهي الدخول في الكفر لكفروا سريعاً، وهم لا يحافظون على الإيمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع، وهذا ذم لهم في غاية الذم، ثم قال تعالى يذكرهم بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف أن لا يولوا الأدبار ولا يفروا من الزحف :﴿ وَكَانَ عَهْدُ الله مَسْئُولاً ﴾ أي وإن الله سيسألهم عن ذلك العهد لا بد من ذلك، ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم، بل ربما كان ذلك سبباً في تعجيل أخذهم غرة، ولهذا قال تعالى :﴿ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أي بعد هربكم وفراركم، ثم قال تعالى :﴿ قُلْ مَن ذَا الذي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ الله ﴾ أي يمنعكم، ﴿ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سواءا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾ أي ليس لهم ولا لغيرهم من دون الله مجير ولا مغيث.