« دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن علي رضي الله عنه، فقالت رضي الله عنها : تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله ﷺ، وكانت تحته ابنته وأحب النا إلي؟ لقد رأيت رسول الله ﷺ دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم فألقى عليهم ثوباً فقال :» اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً « قالت : فدنوت منهم فقلت : يا رسول الله وأنا من أهل بيتك؟ فقال ﷺ :» تنحي فإنك على خير « ».
ورى مسلم في « صحيحه » عن يزيد بن حبان قال :« انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن سلمة إلى ( زيد بن أرقم ) رضي الله عنه، فلما جلسنا إليه قال له الحصين : لقد لقيت يا زيداً خيراً كثيراً، رأيت رسول الله ﷺ وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ﷺ قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ﷺ، فما حدثتكم فاقبلوا وما لا، فلا تكلفوا فيه، ثم قال : قام فينا رسول الله صلىلله عليه وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال :» أما بعد ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله تعالى فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستسمكوا به « فحث على كتاب الله عزَّ وجلَّ ورغب فيه، ثم قال :» وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي « فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال : ومن هم؟ هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم، قال : كل هؤلاء حرم الصدقة بعده؟ قال : نعم ». والذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه سلم داخلات في قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ فإن سياق الكلام معهن، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله :﴿ واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة ﴾ أي واعملن بما ينزل الله تبارك وتعالى على رسوله ﷺ في بيوتكن من الكتاب والسنّة، واذكرن هذه النعمة التي خصصتن بها من بين الناس، أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس، وعائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أولاهن بهذه النعمة، فإنه لم ينزل على رسول الله ﷺ الوحي في فراش امرأة سواها، كما نص على ذلك صلوات الله وسلامه عليه، فناسب أن تخصص بهذه المزية، وأن تفرد بهذه المرتبة العلية، ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته فقرابته أحق بهذه التسمية كما تقدم في الحديث :