[ غافر : ٧ ]، وقوله تعالى :﴿ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور ﴾ أي بسبب رحمته بكم وثنائه عليكم ودعاء ملائكته لكم، يخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين، ﴿ وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً ﴾ أي في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإنه هداهم إلى الحق وبصّرهم الطريق، الذي ضل عنه الدعاة إلى الكفر أو البدعة، وأما رحمته بهم في الآخرة فآمنهم من الفزع الأكبر، وأمر ملائكته يتلقونهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم. روى الإمام البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رأى امرأة من السبي، قد أخذت صبياً لها، فألصقته إلى صدرها وأرضعته، فقال رسول الله صلى لله عليه وسلم :« » أترون هذه تلقي ولدها في النار وهي تقدر على ذلك «؟ قالوا : لا، قال رسول الله ﷺ :» فوالله، للهُ أرحم بعباده من هذه بولدها « »، وقوله تعالى :﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ ﴾ أي تحيتهم من الله تعالى يوم يلقونه سلام، أي يوم يسلم عليهم، كما قال عزَّ وجلَّ :﴿ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ [ يس : ٥٨ ] وقال قتادة : المراد أنهم يحيي بعضهم بعضاً بالسلام يوم يلقون الله في الدار الآخرة، واختاره ابن جرير. ( قلت ) وقد يستدل بقوله تعالى :﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهم وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ [ يونس : ١٠ ]، وقوله تعالى :﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ يعني الجنة وما فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح والملاذ والمناظر مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.


الصفحة التالية
Icon