يقول تبارك وتعالى : وإن يكذبوك يا محمد هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة، فإنهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات، وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم، ﴿ وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور ﴾ أي وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء، ثم قال تعالى :﴿ ياأيها الناس إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ ﴾ أي المعاد كائن لا محالة، ﴿ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا ﴾ أي العيشة الدنيئة، بالنسبة إلى ما أعد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم، فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية، ﴿ وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بالله الغرور ﴾ وهو الشيطان، أي لا يفتنكم الشيطان ويصرفكم عن اتباع الله وتصديق كلماته، فإنه غرار كذاب أفاك. وهذه كالآية التي في آخر لقمان :﴿ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور ﴾ [ لقمان : ٣٣ ]، وقال زيد بن أسم : هو الشيطان، كما قال المؤمنون للمنافقين يوم القيامة ﴿ وَغرَّتْكُمُ الأماني حتى جَآءَ أَمْرُ الله وَغَرَّكُم بالله الغرور ﴾ [ الحديد : ١٤ ] ثم بيَّن تعالى عداوة إبليس لابن آدم، فقال :﴿ إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً ﴾ أي هو مبارز لكم بالعداوة، فعادوه أنتم أشد العداوة وخالفوه، وكذبوه فيما يغركم به، ﴿ إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السعير ﴾ أي إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير، فهذا هو العدو المبين، وهذه كقوله تعالى :﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ﴾ [ الكهف : ٥٠ ].


الصفحة التالية
Icon