« لقد أعذر الله تعالى إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة، لقد أعذر الله تعالى إليه، لقد أعذر الله تعالى إليه » وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله ﷺ :« أعذر الله عزّ وجلّ إلى امرىء أخر عمره حتى بلغ ستين سنة »، وفي رواية :« من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله عزّ وجلّ إليه في العمر » وذكر بعضهم أن العمر الطبيعي عند الأطباء مائة وعشرون سنة، فالإنسان لا يزال في أزدياد إلى كمال الستين، ثم يشرع بعد هذا في النقص والهرم، كما قال الشاعر :
إذا بلغ الفتى ستين عاماً | فقد ذهب المسرة والفتاء |
ولما كان هذا هو العمر الذي يعذر الله تعالى إلى عباده به، ويزيح به عنهم العلل، كان هو الغالب على أعمار هذه الأمة، كما ورد بذلك الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :
« أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك » وقوله تعالى :
﴿ وَجَآءَكُمُ النذير ﴾ روي عن ابن عباس وعكرمة وقتادة أنهم قالوا : يعني الشيب، وقال السدي وعبد الرحمن بن زيد : يعني به رسول الله ﷺ، وقرأ ابن زيد :
﴿ هذا نَذِيرٌ مِّنَ النذر الأولى ﴾ [ النجم : ٥٦ ] وهذه هو الصحيح عن قتادة أنه قال : احتج عليهم بالعمر والرسل، وهذا اختيار ابن جرير وهو الأظهر، لقوله تعالى :
﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُم بالحق ولكن أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾ [ الزخرف : ٧٨ ] أي لقد بينا لكم الحق على ألسنة الرسل فأبيتم وخالفتم، وقال تعالى :
﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : ١٥ ]، وقال تبارك وتعالى :
﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُواْ بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾ [ الملك : ٨-٩ ]، وقوله تعالى :
﴿ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾ أي فذوقوا عذاب النار، جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدة أعمالكم، فما لكم اليوم ناصر ينقذكم مما أنتم فيه، من العذاب والنكال والأغلال.