يقول تعالى لرسوله ﷺ أن يقول للمشركين :﴿ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله ﴾ أي من الأصنام والأنداد، ﴿ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السماوات ﴾ أي ليس لهم شيء من ذلك، ما يملكون من قطمير، وقوله :﴿ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ على بَيِّنَةٍ مِّنْهُ ﴾ أي أم أنزلنا عليهم كتاباً بما يقولونه من الشرك والكفر، ليس الأمر كذلك ﴿ بَلْ إِن يَعِدُ الظالمون بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً ﴾ أي بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وأمانيهم التي تمنوها لأنفسهم، وهي غرور وباطل وزور، ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة، التي بها تقوم السماء والأرض عن أمره، وما جعل فيهما من القوة الماسكة لهما فقال :﴿ إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ ﴾ أي أن تضطربا عن أماكنهما كما قال عزّ وجلّ ﴿ وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ [ الحج : ٦٥ ]، وقال تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السمآء والأرض بِأَمْرِهِ ﴾ [ الروم : ٢٥ ]، ﴿ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ﴾، أي لا يقدر على دوامهما وإبقائهما إلا هو، وهو مع ذلك حليم غفور، أي يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه، وهو يحلم فيؤخر وينظم ويؤجل ولا يعجل، ويستر آخرين ويغفر، ولهذا قال تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾، وفي « الصحيحين » عن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إاليه بصره من خلقه ».


الصفحة التالية
Icon