الحديث الأول : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :« خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال لهم :» إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد «، قالوا : نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال ﷺ :» يا بني سلمة : دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم « » الحديث الثاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :« كانت بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قريب من المسجد فنزلت :﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الموتى وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ ﴾ فقال لهم النبي ﷺ :» إن آثاركم تكتب « » فلم ينقلوا. وروى الحافظ البزار، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : إن بني سلمة شكوا إلى رسول الله ﷺ بد منازلهم من المسجد فنزلت :﴿ وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ ﴾ فأقاموا في مكانهم
. الحديث الثالث : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد فأرادوا أن يتحولوا إلى المسجد فنزلت ﴿ وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ ﴾ فثبتوا في منازلهم. الحديث الرابع : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :« توفي رجل بالمدينة فصلى عليه النبي ﷺ، وقال :» يا ليته مات في غير مولده « فقال رجل من الناس : ولم يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ :» إن الرجل إذا توفي في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة « » وروى ابن جرير عن ثابت قال : مشيت مع أنس رضي الله عنه فأسرعت المشي فأخذ بيدي فمشينا رويداً، فلما قضينا الصلاة قال أنس : مشيت مع زيد بن ثابت فأسرعت المشي، فقال يا أنس أما شعرت أن الآثار تكتب؟ وهذا القول لا تنافي بينه وبين الأول، بل في هذا تنبيه ودلالة على ذلك بطريق الأَوْلى والأحرى، فإنه إذا كانت هذه الآثار تكتب فلأن تكتب تلك التي فيها قدوة بهم من خير أو شر بطريق الأولى، والله أعلم. وقوله تعالى :﴿ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ في إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ أي وجميع الكائنات مكتوب في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ، ( والإمام المبين ) هاهنا هو أم الكتاب، قاله مجاهد وقتادة وكذا في قوله تعالى :﴿ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ [ الإسراء : ٧١ ] أي بكتاب أعمالهم الشاهد عليهم بما عملوه من خير أو شر كما قال عزّ وجلّ :﴿ وَوُضِعَ الكتاب وَجِيءَ بالنبيين والشهدآء ﴾ [ الزمر : ٦٩ ]، وقال تعالى :﴿ وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ ياويلتنا مَالِ هذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].


الصفحة التالية
Icon