يخبر تعالى عن أهل الجنة : أنهم يوم القيامة إذا ارتحلوا من العرصات، فنزلوا في روضات الجنات، أنهم في شغل عن غيرهم، بما هم فيه من النعيم المقيم، والفوز العظيم، قال الحسن البصري : في شغل عما فيه أهل النار من العذاب، وقال مجاهد :﴿ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ أي في نعيم معجبون به، وقال ابن عباس :﴿ فَاكِهُونَ ﴾ أي فرحون، قال ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة في قوله تبارك وتعالى :﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الجنة اليوم فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ قالوا : شغلهم افتضاض الأبكار، وقال ابن عباس في رواية عنه :﴿ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ أي بسماع الأوتار، وقوله عزّ وجلّ :﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ ﴾ قال مجاهد : وحلائلهم ﴿ فِي ظِلاَلٍ ﴾ اي في ظلال الأشجار ﴿ عَلَى الأرآئك مُتَّكِئُونَ ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة ﴿ الأرآئك ﴾ هي السرر تحت الحجال، وقوله عزّ وجلّ :﴿ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ ﴾ أي من جميع أنواعها ﴿ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ ﴾ أي مهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :« أَلاَ هل مشمر إلى الجنة! فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور كلها يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وجلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سلامة، وفاكهة خضرة، وخير ونعمة في محله عالية بهية »، قالوا : نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها، قال ﷺ :« قولوا إن شاء الله »، فقال القوم : إن شاء الله «. وقوله تعالى :﴿ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ قال ابن عباس : فإن الله تعالى نفسه سلام على أهل الجننة، وهذا كقوله تعالى :﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ ﴾ [ الأحزاب : ٤٤ ]، وقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :» بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله تعالى :﴿ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾، قال فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه، حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم «.