يقول تعالى منكراً على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله، يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الآلهة، وترزقهم وتقربهم إلى الله زلفى، قال الله تعالى :﴿ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ ﴾ أي لا تقدر الألهة على نصر عابديها، بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل، وأحقر وأدحر، بل لا تقدر على الاستنصار لأنفسها ولا الانتقام ممن أرادها بسوء، لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل، وقوله تبارك وتعالى :﴿ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ ﴾، قال مجاهد : يعني عند الحساب يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة محضرة عند حساب عابديها، ليكون ذلك أبلغ في حزنهم وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم، وقال قتادة :﴿ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ ﴾ يعني الآلهة، ﴿ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ ﴾ والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا، وهي لا تسوق إليهم خيراً ولا تدفع عنهم شراً إنما هي أصنام، وهذا القول حسن، وهو اختيار ابن جرير، وقوله تعالى :﴿ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ﴾ أي تكذيبهم لك وكفرهم بالله، ﴿ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ أي نحن نعلم جميع ما هم فيه وسنجزيهم وصفهم، يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلاً ولا حقيراً، ولا صغيراً، ولا كبيراً، بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديماً وحديثاً.


الصفحة التالية
Icon