﴿ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾ [ هود : ٧١ ] يقول : بابن، وابن ابن، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعد بما وعد، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل، قال ابن إسحاق، سمعته يقول ذلك كثيراً، وقال ابن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهودياً، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز فقال له عمر : أيُّ ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين، وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه ليصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق، لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهراً طيباً مطيعاً لله عزّ وجلّ، وقال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق؟ فقال : إسماعيل.
وقال أبن أبي حاتم، وسمعت أبي يقول : الصحيح أن الذبيح إسماعيل ﷺ، قال : وروي عن علي، وابن عمر، وأي هريرة، وأبي الطفيل، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، ومجاهد، والشعبي، ومحمد بن كعب القرظي، وأبي جعفر محمد بن علي، وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا : الذبيح إسماعيل، وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى :﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ ﴾ فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى :﴿ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ ﴾ [ الذاريات : ٢٨ ]، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم، بل هو بعيد جداً، والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه ( إسماعيل ) أثبت وأصح وأقوى، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon