يقول تبارك وتعالى :﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين ﴾ أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى :﴿ كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [ المجادلة : ٢١ ]، وقال : عزّ وجلّ :﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد ﴾ [ غافر : ٥١ ]، ولهذا قال جل جلاله :﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون ﴾ أي في الدنيا والآخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم، ممن كذبهم وخالفهم، كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين، ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون ﴾ أي تكون لهم العاقبة، وقوله جل وعلا :﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ ﴾ أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل، فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر، وقوله جلت عظمته :﴿ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ أي انظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك، ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد :﴿ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾، ثم قال عزّ وجلّ :﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾ أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك، ومع هذا يستعجلون العذاب والعقوبة، قال الله تعالى :﴿ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ المنذرين ﴾ أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم، بإهلاكهم ودمارهم، وقال السدي :﴿ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ ﴾ يعني بدارهم ﴿ فَسَآءَ صَبَاحُ المنذرين ﴾ أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم، ولهذا ثبت في « الصحيحين » عن أنَس رضي الله عنه قال :« صبح رسول الله ﷺ خيبر، فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا، وهم يقولون : محمد والله، محمد والخميس، فقال النبي ﷺ :» الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين « »، وقوله تعالى :﴿ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon