يقول تعالى مخبراً أنه وهب لداود ( سليمان ) أي نبياً، كما قال عزّ وجلّ :﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ﴾ [ النمل : ١٦ ] أي في النبوة، وإلا فقد كان له بنون غيره، فإنه قد كان عنده مائة امرأة حرائر، وقوله تعالى :﴿ نِعْمَ العبد إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ ثناء على سليمان بأنه كثير الطاعة والعبادة والإنابة إلى الله عزّ وجلّ، وقوله تعالى :﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بالعشي الصافنات الجياد ﴾ أي إذا عرض على سليمان ﷺ في حال مملكته وسلطانه الخيل الصافنات، قال مجاهد : وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة، والجياد السراع، وعن إبراهيم التيمي قال : كانت الخيل التي شغلت سليمان ﷺ عشرين ألف فرس فعقرها، وعن عائشة رضي الله عنها قالت :« قدم رسول الله ﷺ من غزة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت الريح، فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة رضي الله عنها لعب، فقال ﷺ :» ما هذا يا عائشة « قالت رضي الله عنها : بناتي، ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع، فقال صل الله عليه وسلم :» ما هذا الذي أرى وسطهن «؟ قالت رضي الله عنها : فرس، قال رسول الله ﷺ :» ما هذا الذي عليه؟ قالت رضي الله عنها : جناحان، قال رسول الله ﷺ :« فرس له جناحان » قالت رضي الله عنها : أما سمعت أن سليمان ﷺ كان له خيل لها أجنحة؟ قالت رضي الله عنها : فضحك ﷺ حتى رِأيت نواجذه « وقوله تبارك وتعالى :﴿ فَقَالَ إني أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير عَن ذِكْرِ رَبِّي حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ ذكر غير واحد من السلف والمفسرين : أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر، والذي يقطع به أنه لم يتركها عمداً، بل نسياناً، كما شغل النبي صل الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر، حتى صلاها بعد الغروب؛ وذلك ثابت في » الصحيحين « عن جابر رضي الله عنه قال :» جاء عمر رضي الله عنه يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، ويقول : يا رسول الله، والله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال رسول الله ﷺ :« والله ما صليتها »، قال فقمنا إلى بطحان فتوضأ نبي الله ﷺ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب «، ويحتمل أنه كان سائغاً في ملتهم تأخير الصلاة لعذر والغزو والقتال، والأول أقرب، لأنه قال بعده :﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بالسوق والأعناق ﴾ قال الحسن البصري : لا والله لا تشغليني عن عبادة ربي آخر ما عليك، ثم أمر بها فعقرت، وقال السدي : ضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف، ولهذاعوضه الله عزّ وجلّ ما هو خير منها، وهو الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب، غدوها شهر ورواحها شهر، فهذا أسرع وخير من الخيل.