وفي الحديث قال رسول الله ﷺ :« بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب ﷺ يحثو في ثوبه، فناداه ربه عزَّ وجلَّ : يا أيوب ألم أكن أغنيك عما ترى؟ قال ﷺ : بلا يا رب، ولكن لا غنى بي عن بركتك » ولهذا قال تبارك وتعالى :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وذكرى لأُوْلِي الألباب ﴾ قال الحسن وقتادة : أحياهم الله تعالى له بأعيانهم وزادهم مثلهم معهم، وقوله عزّ وجلّ « ﴿ رَحْمَةً مِّنَّا ﴾ أي به على صبره وثباته وإنباته وتواضعه واستكانته، ﴿ وذكرى لأُوْلِي الألباب ﴾ أي لذوي العقول ليعلما أن عاقبة الصبر الفرج، وقوله جلَّت عظمته :﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فاضرب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ ﴾ وذلك أن أيوب ﷺ كان قد غضب على زوجته ووجد في أمر فعلته، وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة، فلما شفاه الله عزّ وجلّ وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب، فأتفاه الله عزّ وجلّ أن يأخذ ﴿ ضِغْثاً ﴾ وهو الشمراخ فيه مائة قضيب، فيضربها به ضربة واحدة، وقد برت يمينه، وخرج من حنثه ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله تعالى وأناب إليه، ولهذا قال جلّ وعلا :﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العبد إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ أنثى الله تعالى عليه ومدحه بأنه ﴿ نِّعْمَ العبد إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ أي رجَّاع منيب؛ ولهذا قال جلّ جلاله :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ [ الطلاق : ٢-٣ ] الآية واستدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الإيمان والله أعلم.