يقول الله تعالى :﴿ أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ يعني أنه تعالى يكفي من عبده وتوكّل عليه، وفي الحديث :« أفلح من هدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا، وقنع به » ﴿ وَيُخَوِّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ ﴾ يعني المشركين يخوفون الرسول ﷺ، ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم، التي يدعونها من دون الله جهلاً منهم وضلالاً، ولهذا قال عزّ وجلّ :﴿ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَن يَهْدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ ذِي انتقام ﴾ أي منيع الجناب لا يضام من استند إلى جنابه، ولجأ إلى بابه، فإنه العزيز الذي لا أعز منه، ولا أشد انتقاماً منه، ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله ﷺ، وقوله تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله ﴾ يعني المشركين كانوا يعترفون بأن الله عزّ وجلّ هو الخالق للأشياء كلها، ومع هذا يعبدون معه غيره، مما لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً، ولهذا قال تعالى :﴿ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِيَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ﴾ ؟ أي لا تستطيع شيئاً من الأمر، وفي الحديث :« احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة » الحديث. ﴿ قُلْ حَسْبِيَ الله ﴾ أي الله كافي، ﴿ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون ﴾، كما قال ( هود ) ﷺ :﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [ هود : ٥٦ ]، عن ابن عباس رضي الله عنه قال :« من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله تعالى، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله عزّ وجلّ أوثق منه بما في يديه، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله عزّ وجلّ »، وقوله تعالى :﴿ قُلْ ياقوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي على طريقتكم، وهذا تهديد ووعيد، ﴿ إِنِّي عَامِلٌ ﴾ أي علا طريقي ومنهجي، ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ أي ستعلمون غبّ ذلك ووباله، ﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ﴾ أي في الدنيا، ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ أي دائم مستمر، لا محيد له عنه، وذلك يوم القيامة، أعاذنا الله منها.