، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال حين حضرته الوفاة :« قد كنت كتمت منكم شيئاً سمعته من رسول الله ﷺ يقول :» لولا أنكم تذنبون لخلق الله عزَّ وجلَّ قوماً يذنبون فيغفر لهم « »، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :« قال رسول الله ﷺ :» كفارة الذنب الندامة «، وقال رسول الله ﷺ :» لو لم تذنبوا لجاء الله تعالى بقوم يذنبون فيغفر لهم « » ثم استحث تبارك وتعالى عباده إلى المسارعة إلى التوبة، فقال :﴿ وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ ﴾ الخ، أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له ﴿ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ أي بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة، ﴿ واتبعوا أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ وهو القرآن العظيم ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾ أي من حيث لا تعلمون ولا تشعرون، ثم قال تعالى :﴿ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتا على مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ الله ﴾ أي يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط في التوبة والإنابة ويود لو كان من المحسنين المخلصين المطيعين لله عزَّ وجلَّ، وقوله تبارك وتعالى :﴿ وَإِن كُنتُ لَمِنَ الساخرين ﴾ أي إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزىء غير موقن مصدق، ﴿ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ الله هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ المتقين * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العذاب لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المحسنين ﴾ أي تود لو أعيدت إلى الدنيا لتحسن العمل، قال ابن عباس : أخبر الله سبحانه وتعالى ما العباد قائلون قبل أن يقولوه، وعملهم قبل أن يعملوه، وقال تعالى :﴿ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [ فاطر : ١٤ ]، ﴿ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتا على مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ الله وَإِن كُنتُ لَمِنَ الساخرين * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ الله هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ المتقين * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العذاب لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المحسنين ﴾ فأخبر الله عزَّ وجلَّ أن لو ردوا لما قدروا على الهدى فقال :﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [ الأنعام : ٨٢ ]، وفي الحديث :« كل أهل النار يرى مقعده من الجنة، فيقول : لو أن الله هداني فتكون عليه حسرة، قال : وكان أهل الجنة يرعى مقعده من النار، فيقول : لولا أن الله هداني قال : فيكون له الشكر »، ولما تمنى أهل الجرائم العود إلى الدنيا، وتحسروا على تصديق آيات الله واتباع رسله، قال الله سبحانه وتعالى :﴿ بلى قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا واستكبرت وَكُنتَ مِنَ الكافرين ﴾ أي قد جاءتك إليها العباد النادم آياتي في الدار الدنيا وقامت حججي عليك، فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها وكنت من الكفارين بها الجاحدين لها.


الصفحة التالية
Icon