يقول تبارك وتعالى :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ أي ما قدر المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيره وهو العظيم القادر على كل شيء، المالك لكل شيء، وكل شيء تحت قدره وقدرته، قال مجاهد : نزلت في قريش، وقال السدي : ما عظموه حق تعظيمه، وقال محمد بن كعب : لو قدروه حق قدره ما كذبوا، وقال ابن عباس :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم، فمن آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره، ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره، وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف، قال البخاري : قوله تعالى :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :« جاء حَبْر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال : يا محمد إنا نجد أن الله عزّ و جلّ يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول : أنا الملك. فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله ﷺ :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة ﴾ » الآية، وروى الإمام أحمد، عن عبد الله رضي الله عنه قال :« جاء رجل إلى النبي ﷺ من أهل الكتاب فقال : يا أبا القاسم، أبلغك أن الله تعالى يحمل الخلائق على إصبع، والسماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، قال : فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه، قال : وأنزل الله عزّ وجلّ :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ » إلى آخر الآية. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« يقبض الله تعالى ألارض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض؟ » وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :« إن رسول الله ﷺ قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾، ورسول الله ﷺ يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر : يمجّد الرب نفسه أنا الجبار، أن المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم »، فرجف برسول الله ﷺ المنبر حتى قلنا : ليخرنَّ به.


الصفحة التالية
Icon