يخبر تعالى عن حال الأشقياء الكفار، كيف يساقون إلى النار سوقاً عنيفاً، بزجر وتهديد ووعيد، كما قال عزّ وجلّ :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ [ الطور : ١٣ ] أي يدفعون إليها دفعاً وهم عطاش ظماء، كما قال جلّ وعلا في الآية الأخرى :﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً * وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً ﴾ [ مريم : ٨٥-٨٦ ]، وهم في تلك الحال صم بكم وعمي، كما قال تعالى :﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ﴾ [ الإسراء : ٩٧ ]، وقوله تبارك وتعالى :﴿ حتى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ أي بمجرد وصولهم إليها فتحت لهم أبوابها سريعاً لتعجل لهم العقوبة، ثم يقول لهم خزنتها من الزبانية، الذين هم غلاظ الأخلاق شداد القوى، على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل :﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ﴾ ؟ أي من جنسكم تتمكنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم، ﴿ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ ﴾ أي يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه، ﴿ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا ﴾ أي ويحذرونكم من شر هذا اليوم، فيقول الكفار لهم :﴿ بلى ﴾ أي قد جاءونا وأنذرونا وأقاموا علينا الحجج والبراهين، ﴿ ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين ﴾ أي ولكن كذبناهم وخالفناهم لما سبق لنا من الشقوة، كما قال عزّ وجلّ :﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُواْ بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾ [ الملك : ٨-٩ ]. وقوله تعالى :﴿ قِيلَ ادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ لم يسند هذا القول إلى قائل معين بل أطلقه ليدل على أن الكون شاهد عليهم بأنهم يستحقون ما هم فيه، بما حكم العدل الخبير عليهم به، ولهذا قال جلّ علا :﴿ قِيلَ ادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي ما كثين فيها لا خروج لكم منها ولا زوال لكم عنها، ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين ﴾ أي فبئس المصير وبئس المقبل لكم بسبب تكبركم في الدنيا وإبائكم عن اتباع الحق، فبئس الحال وبئس المآل.


الصفحة التالية
Icon