يقول المؤمن لقومه ممن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا ونسي الجبار الأعلى فقال لهم :﴿ ياقوم اتبعون أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرشاد ﴾ لا كما كذب فرعون في قوله :﴿ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرشاد ﴾ [ غافر : ٢٩ ]، ثم زهدهم في الدنيا التي قد آثروها على الأخرى، وصدتهم عن التصديق برسول الله موسى ﷺ، فقال :﴿ ياقوم إِنَّمَا هذه الحياة الدنيا مَتَاعٌ ﴾ أي قليلة زائلة فانية عن قريب تذهب وتضمحل، ﴿ وَإِنَّ الآخرة هِيَ دَارُ القرار ﴾ أي الدار التي لا زوال لها ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها، بل إما نعيم وإما جحيم، ولهذا قال جلت عظمته ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا ﴾ أي واحدة مثلها، ﴿ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ أي لا يتقدر بجزاء، بل يثيبه الله عزّ وجلّ ثواباً كثيراً، لا انقضاء له ولا نفاد.