يقول تعالى منبهاً على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة، وأن ذلك سهل عليه يسير لديه، بأنه خلق السماوات والأرض، وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى، كما قال تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى بلى إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [ الأحقاف : ٣٣ ]، وقال هاهنا :﴿ لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا يتأملونها، كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله تعالى خلق السماوات والأرض وينكرون المعاد استبعاداً وكفراً وعناداً، وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا، ثم قال تعالى :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَلاَ المسياء قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئاً، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره، بل بينهما فرق عظيم، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار، والكفرة الفجار ﴿ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ أي ما أقل ما يتذكر كثير من الناس، ثم قال تعالى :﴿ إِنَّ الساعة لآتِيَةٌ ﴾ أي لكائنة وواقعة، ﴿ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي لا يصدقون بها بل يكذبون بوجودها.