يقول تعالى : ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله، ويجادلون في الحق بالباطل، كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال؟ ﴿ الذين كَذَّبُواْ بالكتاب وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ﴾ أي من الهدى والبيان ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، من الرب جلّ جلاله لهؤلاء، كما قال تعالى :﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [ المرسلات : ١٥ ]، وقوله عزّ وجلّ :﴿ إِذِ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ والسلاسل ﴾ أي متصلة بالأغلال بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم تارة إلى الحميم، وتارة إلى الجحيم، ولهذا قال تعالى :﴿ يُسْحَبُونَ * فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ ﴾، كما قال تبارك وتعالى :﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾ [ الرحمن : ٤٤ ]، وقال تعالى :﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضآلون المكذبون * لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ ﴾ [ الواقعة : ٥١٥٢ ]، وقال عزَّ وجلَّ :﴿ خُذُوهُ فاعتلوه إلى سَوَآءِ الجحيم * ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الحميم * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٧٤٩ ] أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ، والتهكم والاستهزاء بهم، وقوله تعالى :﴿ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ الله ﴾ ؟ أي قيل لهم : أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون الله هل ينصرونكم اليوم؟ ﴿ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا ﴾ أي ذهبوا فلم ينفعونا، ﴿ بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً ﴾ أي جحدوا عبادتهم، كقوله جلَّت عظمته :﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ]، ولهذا قال عزَّ وجلَّ :﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ الله الكافرين ﴾، وقوله :﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ أي تقول لهم الملائكة : هذا الذي أنتم فيه جزاء على فرحكم في الدنيا بغير الحق، ومرحكم وأشركم وبطركم، ﴿ ادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين ﴾، أي فبئس المنزل والمقيل الذي فيه الهوان والعذاب الشديد، لمن استكبر عن آيات الله، واتباع دلائله وحججه، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon