يقول تعالى :﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لهؤلاء المكذبين المشركين ﴿ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ ﴾ لا ما تعبدونه من الأصنام والأنداد والأرباب المتفرقين، إنما الله إله واحد ﴿ فاستقيموا إِلَيْهِ ﴾ أي أخلصوا له العبادة على منوال ما أمركم به على ألسنة الرسل، ﴿ واستغفروه ﴾ أي لسالف الذنوب، ﴿ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ﴾ أي دمار لهم وهلاك عليهم ﴿ الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكاة ﴾ قال ابن عباس : يعني الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله، كقوله تبارك وتعالى :﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى ﴾ [ النازعات : ١٨ ] والمراد بالزكاة هنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة، ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك، وزكاة المال إنما سميت زكاة، لأنها تطهره من الحرام، وتكون سبباً لزيادته وبركته وكثرة نفعه، واستعماله في الطاعات. وقال السدي :﴿ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكاة ﴾ : أي لا يؤدون الزكاة، وقال قتادة : يمنعون زكاة أموالهم، وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين، واختاره ابن جرير، ثم قال جلّ جلاله بعد ذلك :﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ قال مجاهد وغيره : غير مقطوع ولا مجبوب، كقوله تعالى :﴿ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ﴾ [ الكهف : ٣ ]، وكقوله عزّ وجلّ :﴿ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [ هود : ١٠٨ ] وقال السدي : غير ممنون عليهم، وقد رد عليهم بعض الأئمة، فإن المنة لله تعالى على أهل الجنة، قال الله تعالى :﴿ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ ﴾ [ الحجرات : ١٧ ]، وقال أهل الجنة :﴿ فَمَنَّ الله عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم ﴾ [ الطور : ٢٧ ]، وقال رسول الله ﷺ :« إلا يتغمدني الله برحمة منه وفضل ».


الصفحة التالية
Icon