يقول تعالى منبهاً خلقه على قدرته العظيمة، وأنه الذي لا نظير له وأنه على ما يشاء قادر :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اليل والنهار والشمس والقمر ﴾ أي أنه خلق الليل بظلامه، والنهار بضيائه، وهما متعاقبان لا يفتران، والشمس ونورها وإشراقها والقمر وضياءه وتقدير منازله في فكله، واختلاف سيره في سمائه، ليعرف باختلاف سيره وسير الشمس مقادير الليل والنهار، والشهور والأعوام، ويتبين بذلك حلول أوقات العبادات والمعاملات، ثم لما كان الشمس والقمر أحسن الأجرام المشاهدة في العالم العلوي والسفلي، نبه تعالى على أنهما مخلوقان عبدان من عبيده، تحت قهره وتسخيره فقال :﴿ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ واسجدوا لِلَّهِ الذي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ أي ولا تشركوا به فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره، فإنه لا يغفر أن يشرك به، ولهذا قال تعالى :﴿ فَإِنِ استكبروا ﴾ أي عن إفراد العبادة له وأبوا إلا أن يشركوا معه غيره، ﴿ فالذين عِندَ رَبِّكَ ﴾ يعني الملائكة ﴿ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ ﴾ كقوله عزّ وجلّ :﴿ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾ [ الأنعام : ٨٩ ]. وروى الحافظ أبو يعلى، عن جابر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله ﷺ :« لا تسبوا الليل ولا النهار ولا الشمس ولا القمر ولا الرياح فإنها ترسل رحمة لقوم وعذاباً لقوم » وقوله :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾ أي على قدرته على إعادة الموتى ﴿ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً ﴾ أي هامدة لا نبات فيها بل هي ميتة، ﴿ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ ﴾ أي أخرجت من جميع ألوان الزروع والثمار، ﴿ إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.


الصفحة التالية
Icon